هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 شرح الحديث " إنما الأعمال بالنيّات"

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سماح
مشرف عام
مشرف  عام
سماح


عدد المساهمات : 124
نقاط : 54
تاريخ التسجيل : 18/03/2010

شرح الحديث " إنما الأعمال بالنيّات" Empty
مُساهمةموضوع: شرح الحديث " إنما الأعمال بالنيّات"   شرح الحديث " إنما الأعمال بالنيّات" Emptyالخميس مايو 27, 2010 2:18 pm

متن الحديث
عن أمير المؤمنين
أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( إنما الأعمال بالنيّات ، وإنما لكل امريء مانوى ، فمن كانت هجرته إلى
الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها ، أو
امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه )
. رواه البخاري و مسلم في صحيحهما .

الشرح
لقد نال هذا الحديث النصيب الأوفر من اهتمام علماء الحديث ؛ وذلك لاشتماله
على قواعد عظيمةٍ من قواعد الدين ، حتى إن بعض العلماء جعل مدار الدين على
حديثين : هذا الحديث ، بالإضافة إلى حديث
عائشة رضي الله عنها : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) ؛ ووجه ذلك : أن الحديث السابق ميزان للأعمال الظاهرة ، وحديث الباب ميزان للأعمال الباطنة .

والنيّة في اللغة : هي القصد والإرادة ، فيتبيّن من ذلك أن النيّة من
أعمال القلوب ، فلا يُشرع النطق بها ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم
يكن يتلفظ بالنية في العبادة ، أما قول الحاج : " لبيك اللهم حجاً " فليس
نطقاً بالنية ، لكنه إشعارٌ بالدخول في النسك ، بمعنى أن التلبية في الحج
بمنـزلة التكبير في الصلاة ، ومما يدل على ذلك أنه لو حج ولم يتلفّظ بذلك
صح حجه عند جمهور أهل العلم .

وللنية فائدتان : أولاً : تمييز العبادات عن بعضها ، وذلك كتمييز الصدقة
عن قضاء الدين ، وصيام النافلة عن صيام الفريضة ، ثانياً : تمييز العبادات
عن العادات ، فمثلاً : قد يغتسل الرجل ويقصد به غسل الجنابة ، فيكون هذا
الغسل عبادةً يُثاب عليها العبد ، أما إذا اغتسل وأراد به التبرد من الحرّ
، فهنا يكون الغسل عادة ، فلا يُثاب عليه ، ولذلك استنبط العلماء من هذا
الحديث قاعدة مهمة وهي قولهم : " الأمور بمقاصدها " ، وهذه القاعدة تدخل
في جميع أبواب الفقه .

وفي صدر هذا الحديث ابتدأ النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :
( إنما الأعمال بالنيات )
، أي : أنه ما من عمل إلا وله نية ، فالإنسان المكلف لا يمكنه أن يعمل
عملاً باختياره ، ويكون هذا العمل من غير نيّة ، ومن خلال ما سبق يمكننا
أن نرد على أولئك الذين ابتلاهم الله بالوسواس فيكررون العمل عدة مرات
ويوهمهم الشيطان أنهم لم ينووا شيئا ، فنطمئنهم أنه لا يمكن أن يقع منهم
عمل باختيارهم من غير نيّة ، ما داموا مكلفين غير مجبرين على فعلهم .

ويستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم :
( وإنما لكل امريء ما نوى )
وجوب الإخلاص لله تعالى في جميع الأعمال ؛ لأنه أخبر أنه لا يخلُصُ للعبد
من عمله إلا ما نوى ، فإن نوى في عمله اللهَ والدار الآخرة ، كتب الله له
ثواب عمله ، وأجزل له العطاء ، وإن أراد به السمعة والرياء ، فقد حبط عمله
، وكتب عليه وزره ، كما يقول الله عزوجل في محكم كتابه : { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا } ( الكهف : 110 ) .

وبذلك يتبين أنه يجب على الإنسان العاقل أن يجعل همّه الآخرةَ في الأمور
كلها ، ويتعهّد قلبه ويحذر من الرياء أو الشرك الأصغر ، يقول النبي صلى
الله عليه وسلم مشيراً إلى ذلك :

( من كانت الدنيا همّه ، فرّق الله عليه أمره ، وجعل فقره بين عينيه ، ولم
يأته من الدنيا إلا ما كُتب له ، ومن كانت الآخرة نيّته ، جمع الله له
أمره ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة )
رواه ابن ماجة .

ومن عظيم أمر النيّة أنه قد يبلغ العبد منازل الأبرار ، ويكتب له ثواب
أعمال عظيمة لم يعملها ، وذلك بالنيّة ، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه قال لما رجع من غزوة تبوك :

( إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيراً ، ولا قطعتم وادياً ، إلا كانوا معكم
، قالوا يا رسول الله : وهم بالمدينة ؟ قال : وهم بالمدينة ، حبسهم العذر
)
رواه البخاري .

و لما كان قبول الأعمال مرتبطاً بقضية الإخلاص ، ساق النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً ليوضح الصورة أكثر ، فقال :

( فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت
هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه )

، وأصل الهجرة : الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام ، أو من دار
المعصية إلى دار الصلاح ، وهذه الهجرة لا تنقطع أبداً ما بقيت التوبة ؛
فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها ) رواه الإمام أحمد في مسنده و أبوداود و النسائي في السنن ، وقد يستشكل البعض ما ورد في الحديث السابق ؛ حيث يظنّ أن هناك تعارضاً بين هذا الحديث وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا هجرة بعد الفتح )
كما في " الصحيحين " ، والجواب عن ذلك : أن المراد بالهجرة في الحديث
الأخير معنىً مخصوص ؛ وهو : انقطاع الهجرة من مكة ، فقد أصبحت دار الإسلام
، فلا هجرة منها .


على أن إطلاق الهجرة في الشرع يراد به أحد أمور ثلاثة : هجر المكان ، وهجر
العمل ، وهجر العامل ، أما هجر المكان : فهو الانتقال من دار الكفر إلى
دار الإيمان ، وأما هجر العمل : فمعناه أن يهجر المسلم كل أنواع الشرك
والمعاصي ، كما جاء في الحديث النبوي :
( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه )
متفق عليه ، والمقصود من هجر العامل : هجران أهل البدع والمعاصي ، وذلك
مشروط بأن تتحقق المصلحة من هجرهم ، فيتركوا ما كانوا عليه من الذنوب
والمعاصي ، أما إن كان الهجر لا ينفع ، ولم تتحقق المصلحة المرجوّة منه ،
فإنه يكون محرماً .


ومما يُلاحظ في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خصّ المرأة بالذكر من بين متاع الدنيا في قوله :
( أو امرأة ينكحها ) ، بالرغم من أنها داخلة في عموم الدنيا ؛ وذلك زيادة في التحذير من فتنة النساء ؛ لأن الافتتان بهنّ أشد


، مِصداقاً للحديث النبوي : ( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ) متفق عليه ، وفي قوله : ( فهجرته إلى ما هاجر إليه ) ، لم يذكر ما أراده من الدنيا أو المرأة ، وعبّر عنه بالضمير في قوله : ( ما هاجر إليه ) ، وذلك تحقيراً لما أراده من أمر الدنيا واستهانةً به واستصغاراً لشأنه ، حيث لم يذكره بلفظه .

ومما يستفاد من هذا الحديث - علاوة على ماتقدم - : أن على الداعية الناجح
أن يضرب الأمثال لبيان وإيضاح الحق الذي يحمله للناس ؛ وذلك لأن النفس
البشرية جبلت على محبة سماع القصص والأمثال ، فالفكرة مع المثل تطرق السمع
، وتدخل إلى القلب من غير استئذان ، وبالتالي تترك أثرها فيه ، لذلك كثر
استعمالها في الكتاب والسنة ، نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول
والعمل ، والحمد لله رب العالمين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
شرح الحديث " إنما الأعمال بالنيّات"
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حديث : ( إنما الأعمال بالنيات )
» قمة الحياء"الحياء من الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: مــنــتــدى الحَـــديث وعُلومه-
انتقل الى: